الأقسام:

شرح الدعاء الأول من الصحيفة السجادية

شرح دعاء الأولی من صحيفة السجادية

قوله عليه‌السلام: الحمد للّه
أی: جنس الحمد وكلّ حمد و جميع المحامد للّه سبحانه بالحقيقه، إذ ما من خير بالذات أو خير بالعرض في نظام الوجود طولاً أو عرضاً إلاّ و هو مستند إليه سبحانه بوسط أو لا بوسط. فقد جعل اختصاص الجنس دليلاً على اختصاص جميع الأفراد، سلوكاً لطريقه البرهان، و ذلك باب من فنّ البلاغه.

إذ معناه: ذات كلّ متقرّر و وجود كلّ موجود للّه، كما قال جلّ سلطانه لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ إذ حقيقه الحمد هو الوصف بالجميل، وكلّ تقرّر و وجود ينطق بلسان طباع الإمكان أن مفيضه و مبدعه هو [الحي] القيوم الحقّ المتقرّر بنفسه الموجود بذاته.

فتكوّن هويه كلّ ذي هويّة حمداً له سبحانه وَ إِنْ مِنْ شَيءٍ إِلاّ يسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ .

أو المراد به عالم الحمد، أعني: عالم الأمر، و يقال له: عالم التسبيح و التحميد، و هو عالم المجرّدات. إذ كلّ موجود بلسان ماله من الكمالات المطلقه يصف جاعله الحقّ بذلك الكمال، و يشهد أنّه هناك على أقصي ما يتصوّر من اقام و البهاء و عالم الخلق لا خلاق له من الكمالات المطلقه إلاّ الوجود، فيكون عالم الأمر كلّه هو حقيقه الحمد كلّه. و بسط القول هناك علی ذمّه سدره المنتهئ.

قوله عليه السّلام: الأول بلا أول
الأوّل ضدّ الآخر. و أوّل أصله أوءل علی أفعل مهموز الوسط، كما ذهب إليه الجوهري . و العلماء المراجيح في فنون علم الأدب لا ووءل علی فوعل كما زعمه بعض الأدبيّين.

فقوله: عليه السّلام «بلا أوّل»: إمّا بفتح اللام علی النصب، كما في رواية «س» على أنّه أفعل التفضيل، أو أفعل الصفه على اعتبار الوصفيه. و إمّا بالتنوين على الجرِّ، كما في أصل الرواية على أنّه أفعل الصفه، منسلخاً عن معني الوصفيه.

و ضابط القول على ضرب من التفصيل: أنّك إذا أخذته أفعل التفضيل لم يسعك أن تصرفه بوجه من الوجوه؛ إذ لا يتصوّر أن ينسلخ حينئذ عن كونه وصفاً لموصوف أصلاً، و ليس يسوغ استعماله إذن الاّ بتقدير «من» و اعتبار المفضّل عليه في جهه القول، أو في طي الطيّة.

و أمّا إذا أخذته أفعل الصفه، فإن اعتبرت فيه معني الوصفيه و جعلته وصفاً امتنع أن ينصرف، تقول: حججت عاماً أوّل و في عام أوّل بالنصب فيهما، و هذا عامّ أوّل بالرفع.

و إن سلخته عن الوصفيه و استعملته على أنّه ظرف، كان مبنياً على الضمّ أبداً، كما [في] سائر الظروف المقطوعه بالإضافه، فتقول: إن أتيتني أوّل فلك كذا.

و إذ استعملته بمعني البدائة و الابتداء صرفته و أعربته، تقول: ليس له أوّل و آخر على تنوين الرفع، أي: ليس لوجوده بدائة و ابتداء، و لا نهايه و انتهاء.

وتقول في محلّ النصب: أثبت له أوّلاً وآخر، أي ابتداءاً وانتهاءاً ومبدءاً ومنتهيً. وفي مقام الجرّ: الدائره خطّ مستدير من غير أوّل و آخر، أي: من غير بدايه و نهايه و مبدأ و منتهي بحسب الوضع.

فإذن قولك: قلت لك أوّلاً و آخراً، معناه ابتداءاً و انتهاءاً، و النصب على التمييز، أو علیعلی  انه منزوع الخافض، لا على الظرف كما يتوهّم.

قال في مجمل اللغه: الأوّل ابتداء الشيء. و ربّما يستعمل بمعني آخر و ينصرف أيضاً، كما تقول: أنعمت علیعلیّ أوّلاً و آخراً. أي: قديماً و حديثاً، وكذلك أفعل الصفه إذ جرّد عن الوصفيّه، وجعل علماً شخصيّاً مثلاً، كان ممتنع الصرف.

ثمّ إذا نكّر و انسلخ عن العلميّه انصرف، و نوّن على النصب أو الرفع أو الجرّ، تقول:

رأيت أحمداً من الأحمدين، و جاءني أحمد من الأحمدين و مررت بأحمد من الأحمدين.

و إذا تحقّقت ما تلوناه علیعلیك استبان لك مغزي قول المغرب: فعلت هذا عاماً أوّل على الوصف. و عام الأوّل على الإضافه. و أيّ رجل دخل أوّل فله كذا، مبنيّ على الضّمّ، كما في من قبل و من بعد، و معناه دخل أوّل كلّ أحد، و قبلكلّ أحد، و موضعه باب الواو. انتهي.

وكذلك قول المفردات و الفائق و غيرهما: و يستعمل أوّل ظرفاً فيبني على الضمّ، نحو جئتك أوّل، و يقال: بمعني قديم نحو جئتك أوّلاً و آخراً، أي: قديماً و حديثاً. انتهي.

و في أساس البلاغه: جمل أوّل و ناقه أوّله إذا تقدّما الإبل.

وفي الصحاح: إذا جعلته صفه لم تصرفه، تقول: لقيته عاماً أوّل. و إذا لم تجعله صفه صرفته، تقول: لقيته عاماً أوّلاً. قال ابن السكّيت: و لا تقل عام الأوّل، و تقول: ما رأيته مذ عام أوّل، فمن رفع الأوّل جعله صفه لعام، كأنّه قال: أوّل من عامنا. و من نصبه جعله كالظرف، كانه قال: مذ عام قبل عامنا، و إذا ضممته على الغايه، كقولك فعلته قبل. و إن أظهرت المحذوف نصبت فقلت: أبدأ به فعلك، كما تقول قبل فعلك. انتهي.

و في القاموس أيضاً مثله.

ثمّ فاضل تفتازان مشي في هذا المشي، وبني على هذا الأساس في كتاب التلويح و في حاشيه الكشّاف، لكنّه غبّب في الفحص تغبيباً، وفرّط في التأويل تفريطاً، إذ نقل قول 

الجوهري فحسب أنّ أوّلاً عنده محمول على الظرف، و ذلك إن هو إلاّ حسبان سخيف.

فمن المنصرح في كلام النحوي انه حيث يكون أوّلاً مستعملاً على الظرف مع انقطاع الاضافه، إنّما يصحّ فيه البناء على الضمّ لاغير.

فإذا قلت: فعلت كذا أوّلالم يتصحّح حمله على الصفه ولاعلى الظرف.

إذ على الأوّل يتعيّن أوّل بالنصب من جهه منع الصرف، و على الثاني أوّل بالرفع للبناء على الضمّ، و لا يسوغ أوّلاً بالتنوين على الظرف أصلاً، كما هو المتّضح من قول الجوهري و غيره، و نحن قد أوضحناه فلا تكوننّ من الغافلين.

3- قوله عليه السّلام: بلا أول
بلا أوّل في الأصل منوّناً على الجرّ، بجعله أفعل الصفه لا أفعل التفضيل، و في روايه «س» بالفتح من غير تنوين، لاعتباره أفعل التفضيل.

4- قوله عليه السّلام: بلا آخر
بتنوين الجرّ و كسر الخاء المعجمه، أي: من غير آخر يكون بعده، و في روايه «س» فتح الراء، و أمّا مع فتح المعجمه على أفعل التفضيل، أو كسرها على اعتبار لا لنفي الجنس، ثمّ إدخال حرف الجرّ على الجمله، كما سياقه الأمر في إيجاب سلب المحمول من لحاظ التفضيل، دون الإيجاب العدولي على اللحاظ الإجمالي، فليتعرّف.

5- قوله عليه السّلام: لكلّ روح
في روايه «س» لكلّ روح و زوج معاً. أي: على روايه «س» يقرأ لكلّ روح تاره، و لكلّ زوج اخري، و الزوج يطلق و يراد به الشكل. و المراد بالزوج هنا الصنف أو النوع لا المتزاوجان.

فالمعني: لكلّ نوع و صنف، و منه في التنزيل الحكيم: وَ خَلَقْناكُمْ أَزْواجاً أي:

أنواعاً و أصنافاً. 

قال ابن الاثير: الاصل في الزوج الصنف، او النوع لكل شيء.

و في روايه من عدا «س» روح، بالراء المضمومه و الحاء المهمله مكان زوج، و المعني:

جعل لكل روح، أو لكلّ صنف من أصناف المخلوقات.

و ربّما يسبق إلي بعض الأذهان على روايه «س» جواز إراده الزوج بالمعني المشهور، بناءاً على أنّ كلّ ما خلقه الباري تعالی جعله زوجين اثنين، كما قد نطق به تنزيل القرآن الحكيم ، و لقد اقترّ في مقرّه في علم ما فوق الطبيعه أنّ كلّ ممكن زوج تركيبيّ.

6- قوله عليه‌السلام: لا ينقص من زاده ناقص
على صيغه المعلوم من نقصه ينقصه فهو منقوص و هذا ناقص إيّاه، أي: من زاده الله سبحانه منهم لا ينقصه ناقص أصلاً، و من نقصه عزّ و جلّ لا يزيده زائد أبداً.

أو من نقص ينقص فهو ناقص، أي: من زاده اللّه لا ينقص، ومن نقصه لا يزداد أبداً.

و في روايه «س» ينقص على صيغه المجهول، و المعني كما ذكر.

7- قوله عليه السّلام: يتخطّأ إليه بأيّام عمره
يتخطّأ بالهمز، و فيه وجهان:

الأوّل: ليس هو من المعتلّ بألف لينه منقلبه عن الواو تفعّلا من الخطوه يقال: تخطّاه يتخطّاه وتخطّيته واتّخطّاه تخطّياً، أي: تجاوزه وتعدّاه وتعدّيته وأتعدّاه وتعدّياً. بل هو من المهموز تفعّلاً من الخطأ بالهمز، و لكن على تضمين الخطوه و التخطّي.

و المعني: يمضي بقوّه و عدد، و يذهب في إسراع و استعجال، متّخذاً في إسراعه و استعجاله من أيّام عمره خطوات، و من أعوام دهره أقداماً، فيتخطّأ متخطّياً إليه بأيّامه و أعوامه، فيسرع في ذهابه بخطواته و خطاه التي هي أيّام عمره، و أقدامه التي هي أعوام دهره، فيخلف كلّ ما قبله و أمامه وراء ظهره.

و إنّما كان بناء التفعّل من الخطأ بمعني الاستعجال و مجاوزه الحدّ، لما أنّه قلّما يخلو السرعه 

و العجله من الخطأ و الغلط و التعدّي و الشطط.

قال العلاّمه الزمخشري في أساس البلاغه: تخطّأت بالمسأله و في المسأله أي: تصدّيت له طالباً لخطئه. و تخاطأته النبل: تجاوزته. و ناقتك هذه من المتخطّئات [الجيف]، أي: تمضي لقوّتها و تخلف وراءها التي سقطت من الحسري. و خطأت القدر بزبدها عند الغليان:

قذفت به.

و في القاموس: و خطأت القدر بزبدها كمنع رمت تخطأه.

و تخطّاه و أخطأه: أي: تجاوزه، و منه في الحديث: «ما أصابك لم يكن ليتخطّاك، و ما أخطأك لم يكن ليصيبك».

قال الراغب في المفردات: و جمله الأمر أنّ من أراد شيئاً و اتّفق منه غيره يقال: أخطأ، و إن وقع منه كما أراده يقال: أصاب، و لمن فعل فعلاً لا يحسن أو أراد إراده لا تجمل يقال:

أخطأ. و لهذا يقال: أصاب الخطأ و أخطأ الصواب. و أصاب الصواب و أخطأ الخطأ. و هذه اللفظه مشتركه كما تري متردّده بين معاني يجب لمن يتحرّي الحقائق أن يتأمّلها. انتهي.

الثاني: أصله من المعتلّ لا من المهموز، فالهمزه منقلبه عن حرف العلّه لا أصليّه، و ثمرتها التنبيه على تضمين معني الخطأ. و المعني: يتخطّأ اليه بأيّام عمره متخطّياً، أي: من غير تعمّد وقصد.

و قول الجوهري في الصحاح: خطي عنك السوء، أي: دفع و اميط، و خطوت و اختطيت بمعني، و اختطيت غيري إذا حملته على أن يخطو، و تخطّيته إذا تجاوزته، يقال:

تخطّيت رقاب الناس و تخطّيت إلي كذا، و لا تقل تخطّأت بالهمز.

معناه: إذا بنيت التفعّل من الخطوه، و هي ما بين القدمين، فاعتبره في الأصل من المعتلّ و لا تعتبره من المهموز، فالهمزه فيه ليس يصحّ بحسب الأصل، بل إنّما هو من حيث الابدال 

و القلب، كما في سائر النظائر.

ثمّ من المحتمل على الوجهين إعتبار تضمين الخطيطه و التخطّط.

قال في المغرب: في حديث ابن عبّاس: «خطّأ اللّه نوءها ألاّ طلقت نفسها» أي: جعله مخطّئاً لا يصيبها مطره، و هو دعاء عليها إنكاراً لفعلها. و يقال: لمن طلب حاجه فلم ينجح: أخطأ نوءك. و يروي خطي بالألف الليّنه من الخطيطه، و هي الأرض التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين، و أصله خطط فقلّب الطاء الثالثه ياءاً، كما في التظنّي و أمليت الكتاب. انتهي قوله، فأحسن التدبّر و لا تكن من المتخطّين.

8- قوله عليه السّلام و يرهقه
الِرهق: محرّكه العجله، و منه الحديث: «إنّ في سيف خالد رهقاً» أي: عجله، و أرهقني أن ألبس ثوبي، أي: أعجلني، كذا قاله الهروي.

و قال الجوهري: يقال: طلبت فلاناً حتي رهقته رهقاً، أي: حتّي دنوت منه فربّما أخذه و ربّما لم يأخذه.

و في القاموس: رهقه كفرح غشيه و لحقه، أو دنا منه، سواء أخذه أو لم يأخذه.

9- قوله عليه السّلام: أثره
الأثر: هنا بمعني الأجل، أي: غايه الأمل المضروب.

10- قوله عليه السّلام: إلي ما ندبه
أي: إلي ما دعاه إليه.

11- قوله عليه السّلام: ما أبلاهم
الإبلاء: الإنعام و الإحسان، يقال: بلوت الرجل و أبليت عنده بلاءاً حسناً، كذا قاله ابن الأثير. و منه ما في التنزيل الكريم: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً  

و القلب، كما في سائر النظائر.

ثمّ من المحتمل على الوجهين إعتبار تضمين الخطيطه و التخطّط.

قال في المغرب: في حديث ابن عبّاس: «خطّأ اللّه نوءها ألاّ طلقت نفسها» أي: جعله مخطّئاً لا يصيبها مطره، و هو دعاء عليها إنكاراً لفعلها. و يقال: لمن طلب حاجه فلم ينجح: أخطأ نوءك. و يروي خطي بالألف الليّنه من الخطيطه، و هي الأرض التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين، و أصله خطط فقلّب الطاء الثالثه ياءاً، كما في التظنّي و أمليت الكتاب. انتهي قوله، فأحسن التدبّر و لا تكن من المتخطّين.

8- قوله عليه السّلام و يرهقه
الِرهق: محرّكه العجله، و منه الحديث: «إنّ في سيف خالد رهقاً» أي: عجله، و أرهقني أن ألبس ثوبي، أي: أعجلني، كذا قاله الهروي.

و قال الجوهري: يقال: طلبت فلاناً حتي رهقته رهقاً، أي: حتّي دنوت منه فربّما أخذه و ربّما لم يأخذه.

و في القاموس: رهقه كفرح غشيه و لحقه، أو دنا منه، سواء أخذه أو لم يأخذه.

9- قوله عليه‌السلام: أثره
الأثر: هنا بمعني الأجل، أي: غايه الأمل المضروب.

10- قوله عليه‌السلام: إلي ما ندبه
أي: إلي ما دعاه إليه.

11- قوله عليه‌السلام: ما أبلاهم
الإبلاء: الإنعام و الإحسان، يقال: بلوت الرجل و أبليت عنده بلاءاً حسناً، كذا قاله ابن الأثير. و منه ما في التنزيل الكريم: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً  

و القلب، كما في سائر النظائر.

ثمّ من المحتمل على الوجهين إعتبار تضمين الخطيطه و التخطّط.

قال في المغرب: في حديث ابن عبّاس: «خطّأ اللّه نوءها ألاّ طلقت نفسها» أي: جعله مخطّئاً لا يصيبها مطره، و هو دعاء عليها إنكاراً لفعلها. و يقال: لمن طلب حاجه فلم ينجح: أخطأ نوءك. و يروي خطي بالألف الليّنه من الخطيطه، و هي الأرض التي لم تمطر بين أرضين ممطورتين، و أصله خطط فقلّب الطاء الثالثه ياءاً، كما في التظنّي و أمليت الكتاب. انتهي قوله، فأحسن التدبّر و لا تكن من المتخطّين.

8- قوله عليه‌السلام و يرهقه
الِرهق: محرّكه العجله، و منه الحديث: «إنّ في سيف خالد رهقاً» أي: عجله، و أرهقني أن ألبس ثوبي، أي: أعجلني، كذا قاله الهروي.

و قال الجوهري: يقال: طلبت فلاناً حتي رهقته رهقاً، أي: حتّي دنوت منه فربّما أخذه و ربّما لم يأخذه.

و في القاموس: رهقه كفرح غشيه و لحقه، أو دنا منه، سواء أخذه أو لم يأخذه.

9- قوله عليه‌السلام: أثره
الأثر: هنا بمعني الأجل، أي: غايه الأمل المضروب.

10- قوله عليه‌السلام: إلي ما ندبه
أي: إلي ما دعاه إليه.

11- قوله عليه‌السلام: ما أبلاهم
الإبلاء: الإنعام و الإحسان، يقال: بلوت الرجل و أبليت عنده بلاءاً حسناً، كذا قاله ابن الأثير. و منه ما في التنزيل الكريم: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً 

12- قوله عليه‌السلام: نعمر
عمر الرجل من باب فهم، و عمر أيضاً، أي: عاش زماناً طويلاً.

13- قوله عليه‌السلام: ظلمات البرزخ
البرزخ: الحاجز بين الشيئين، و الدائر على ألسنه الأصحاب إطلاقه على ما بين الدنيا و الآخره من وقت الموت إلي البعث، فمن مات دخل البرزخ. و ذكر بعض الأصحاب أنّ البرزخ القبر، لانه بين الدنيا و الآخره وكلّ شيء بين شيئين فهو برزخ.

14- قوله عليه‌السلام: حمداً يرتفع منّا
و في روايه «س» بنا، يعني وجد بخطّ ابن إدريس بنا و منّا معاً.

15- قوله عليه‌السلام: تقرّ به
و في نسخه: «تنير» على البناء للمفعول، من أنار بمعني أضاء، أي: صار ذا ضوء.

16- قوله عليه‌السلام: إذا برقت الأبصار
برق البصر أي: شخص عند معاينه ملك الموت، فلا يطرف من شدّه الفزع.

و في النهايه الأثيريّه: في حديث الدعاء «إذا برقت الأبصار» يجوزكسر الراء و فتحها، فالكسر بمعني الحيره، و الفتح من البريق بمعني اللموع.

و المأخوذ من أشياخنا في الصحيفه المكرّمه بالكسر لا غير.

17- قوله عليه‌السلام: إذا اسودّت الأبشار
البشره و البشر ظاهر جلد الإنسان، و بشره الأرض ما ظهر من نباتها، و الجمع البشر.

و الابشار جمع الجع، كذا في القاموس و النهايه.

18- قوله عليه‌السلام: حمداً نزاحم به
أي: ننسلخ به من عالم الملك، و ننخرط في سلك عالم الملكوت، و أفاضل بذلك ملائكه المقرّبون، فنزاحمهم به، و إنما يتيسّر ذلك باستكمال القوّتين العاقله و العامله في نصاب الكمال على قصيا المدي و أقصي الأمد، و التخلّق بأخلاق اللّه على أبلغ الضروب و أسبغ الوجوه ليستتمّ حقيقه الحمد على أحقّ المراتب.

ألحقنا اللّه تعالى في تلك المسابقه بهم، و سقانا ذلك الرحيق في كأسهم، صلوات اللّه و تسليماته عليهم.

19- قوله عليه‌السلام: نضامّ
من ضاممتهم إذا طفقت تنضمّ إليهم.

قال ابن الأثير في النهايه: في حديث الرؤيه «لا تضامّون في رؤيته» يروي بالتشديد و التخفيف، فالتشديد معناه لا ينضمّ بعضكم الى بعض، و تزدحمون وقت النظر إليه، و يجوز ضمّ التاء و فتحها على تفاعلون و تتفاعلون. انتهي كلامه.

و على هذا فالمعني تنضمّ به إلي أنبيائه المرسلين. و نزدحم على نزع الخافظ، و ما نحن قلناه وفاقاً لما ذكره علاّمه زمخشر في الأساس أحكم و أقوم.

و بالجمله الصيغه من المفاعله. و يجوز نتضامم من التفاعل بهذا المعني أيضاً. 

20- قوله عليه‌السلام: في دار المقامه
بالضمّ مصدر لحقته التاء.

21- قوله عليه‌السلام: اختار لنا
يعني بالضمير نوع الإنسان.

22- قوله عليه‌السلام: و جعل لنا الفضيله بالملكه
يقال: فلان حسن الملكه، أي: حسن الصنيع إلي ممالكه. و في الحديث: لا يدخل الجنّه سيّء الملكه.

23- قوله عليه‌السلام: أغلق عنّا باب الحاجه إلاّ إليه
لما قد استبان في العلم الذي فوق الطبيعه أنّ المعلول الصدوري إنّما يحتاج بالذات إلي العلّه الفاعله، و أمّا ما سوي الفاعل من سائر العلل فإنّما الافتقار إليه في تصحيح الاستناد إلي الفاعل، و التهيّؤ لقبول الفيض عنه.

ثمّ النظر الأدقّ عرف و حقّق و أفاد و أعطي أنّ طباع الإمكان علّه في الحقيقه، للحاجه إلي الواجب بالذات، فالعلّه الفاعله التي تكون المعلول حائجاً إليها بالذات في حصوله و صدوره عنها، يجب أن يكون هي الفاعل الحيّ القيّوم الواجب بالذات جلّ ذكره. فأمّا ما عداه من الفواعل و الأسباب فمصحّحات الصدور عنه، و مهيّئات الإستناد إليه لا غير.

فقوله عليه‌السلام «أغلق عنّا باب الحاجه إلاّ إليه» معناه و مغزاه: علمنا إنغلاق باب الحاجه إلاّ إليه، و ألهمنا صدق التوكّل في كلّ الاُمور اليه، و أوزعنا شخوص النظر في جميع الأبواب جنابه.

24- قوله عليه‌السلام: لا متي 

الوقف و قطع النفس علي «متي» حسن، و على «لا» ثمّ على «متي» أحسن.

25- قوله عليه‌السلام: و أقنانا
أي: أعطانا القنيه: ما يتأثّل من الأموال، و إفرادها بالذكر كما في التنزيل الكريم: وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْني وَ أَقْني لانها أشفّ و أربح و أنمي و أبقي.

و المراد بها العلوم الحقيقيّه و المعارف الربوبيّه، و هي التي تقتنيها النفس القدسيّه للحياه الأبديّه. أو معناه: و أرضانا بمنّه و تحقيقه، و جعل الرضا لنا قنيه.

حاشيه اخري: يقال قنوت المال و قنيت أيضاً قنيه و قنيه أيضاً بالضمّ و الكسر، إذا أقنيته لنفسك لا للتجاره. و اقتناء المال و غيره اتّخاذه. و أقناه اللّه أي: أعطاه ما يقتني به، من القنيه بمعني الذخر. و أقناه أيضاً أي: رضّاه من القني بالقصر بمعني الرضا. و قناه اللّه و أقناه، أي: أرضاه، و القنيه أصل المال و رأسه. و كلّ من المعاني يصحّ أن يراد هنا. و ربّما قيل: الأوّل أولي و أنسب.

26- قوله عليه‌السلام: ليختبر
أي: ليجرّبها، والمعني أن يعاملنا معامله المجرّبين.

27- قوله عليه‌السلام: ليبتلي
أي: ليمتحنه، و المراد ليعاملنا في شكرنا معامله الممتحنين.

28- قوله عليه‌السلام: لم نفدها
من الإفاده بمعني الإغتناء، يقال: أفاده أي: اغتناه، لا من الإفاده بمعني إعطاء الفائده.

قال المطرّزي في المغرب: أفادني مالاً: أعطاني، و أفاده بمعني استفاده، و منه بعد ما أفدت الفرس، أي: وجدته و حصلته، و هو أفصح من استفدت.

قلت: وهي بالمعني الثاني يستعمل ب «من»، كما في قوله عليه‌السلام «من فضله».

قال ابن فارس في مجمل اللغه: يقال: أفدت غيري أي: علمته، و أفدت من غيري أي:

تعلّمت منه. و قال: الفائده: استحداث المال و الخير، و قد فادت له فائده إذا حدث له مال. يقال: أفدت إذا استفدت، و أفدت إذا أفدت غيرك. و يقال: أفدت غيري وأفدت من غيري. انتهي قوله.

و قال علاّمه زمخشر في أساس البلاغه: أفدت منه خيراً استفدته منه، و فادت له من عندنا فائده أي: حصلت. انتهي كلامه.

وكلام الجوهري في الصحاح أيضاً مفاده ذلك، و لكن يلتبس مغزاه على غير المحصّل.

و بالجمله قوله عليه‌السلام: «لم نفدها» بضمّ النون وكسر الفاء و اسكان الدال، على ما هو المتواتر المضبوط في جمع النسخ على صيغه المعلوم المجزوم ب «لم»، من باب الإفعال، بمعني الإستفاده لمكان الإستعمال ب «من» أي: لم نستفدها إلاّ من فضله، على ما قد أفدناه و أوضحناه مبيّناً مفصّلاًّ.

و ربّما يري في بعض النسخ على الهامش «لم نفدها» مضبوط الإعراب بضمّ النون و إسكان الفاء و فتح الدال، مرقوماً عليه رقم (خ). و لم يبلغنا ذلك فيما روّينا و روينا عن المشيخه، و لا هو وارد فيما رويناه من مشايخنا أصلاً.

و إذا صحّت النسخه، فالصيغه على البناء للمجهول من الفداء و الفديه. على الحذف و الإيصال. أي: على التوبه التي لم نفد بها من عذاب اللّه إلاّ من فضله، و لم تكن فديه لنا من المعاصي و الآثام، و فداءً لأنفسنا و أرواحنا من الهلاك في دار الحياه الأبديّه إلاّ من رحمته.

ثمّ إنّ ختاله الجاهلين أخزاهم الله تع حيث لا يستطيعون إلي المعرفه سبيلاً يحرّفون الصيغه، و يغيّرون إعرابها، و يبدّلون بناءها، فيضمّون النون و يفتحون الفاء، علیعلی 

البناء للمجهول من الإفاده، و يرجع اللفظ حينئذ إلي لم نستفدها الا من فضله، على صيغه المجهول.

و إن هذا إلاّ خزي كبير في الدنيا، و عذاب مقيم في النشأه الآخره، أعاذكم اللّه تع معشر المسترشدين من نكال الجهل و الشقاوه و وبال الجهاله و الغوايه، و الحمد للّه ربّ العالمين.

29- قوله عليه‌السلام: من هلك عليه
أي: هلك حين وروده عليه، و المال من ورد عليه هالكاً.

30- قوله عليه‌السلام: و على جميع عباده
فجميع ما سبق في السلسله الطوليّه في نظام الوجود بالقياس إلي كلّ أحد نعمه في حقّه؛ لكون جميع أسباب وجوده و مباديه، و هي المعبّر عنها بالنعم السابقه على الوجود، و كذلك ما في السلسله العرضيّه، على ما قد استبان في مظانّه.

31- قوله عليه‌السلام: و خفيراً من نقمته
قال ابن الأثير في النهايه: خفرت الرجل أجرته و حفظته، و خفرته إذا كنت له خفير، أي: حامياً وكفيلاً. و تخفّرت به إذا استجرت به. و الخفاره بالكسر و الظمّ الذمام بمعني العهد.

32- قوله عليه‌السلام: نسعد به في السعداء
فإنّا لا نكون من الحامدين على الحقيقه إلاّ إذا انتظمنا في عالم الحمد استكمال القوّتين، و استتمام نصاب الكمال في البهجه الحقّه، و السعاده المطلقه في النشأتين، فتصير نفس الذات و سنخ الهويّه، حمداً لباريها الحقّ بالحقيقه.

33- قوله عليه‌السلام: في نظم الشهداء
من حيث كونهم أحياء عند ربّهم، مرزوقين برزقه، فرحين بلقائه، مبتهجين ببهائه. 

الإنتاجات
k