دراسة الموسیقي الداخلیة في الصحیفة السجادیة

دراسة الموسیقى الداخلیة فی الصحیفة السجادیة

المؤلفون:

1- حسن خلف (طالب مرحله الدکتوراه فی قسم اللغه العربیه و آدابها بجامعه فردوسی فی مشهد). 
2- مرضیه آباد (أستاذه مشارکه فی قسم اللغه العربیه وآدابها بجامعه فردوسی ــ مشهد).
3- سیدحسین سیّدی (أستاذ فی قسم اللغه العربیه وآدابها بجامعه فردوسی فی مشهد).
4- بلاسم محسنی (أستاذ مساعد فی قسم اللغه العربیه وآدابها بجامعه فردوسی فی مشهد).


المستخلص

یتحدث هذا البحث عن «الموسیقى الداخلیة فی الصحیفة السجادیة»، مفترضاً أن الموسیقى لا تختصّ بالشعر، بل إنها توجد فی أی عمل أدبی فنّی، شعراً کان أو نثراً، إلاّ أنّ الموسیقى المختصّة بالشعر هی الموسیقى الخارجیة التی تتمثل فی الأوزان العروضیة والقافیة. أمّا ما یعرف بالموسیقى الداخلیة، فهو الإیقاع الذی یلاحظ فی بشرة النصّ الخارجیة من خلال تکرار الحروف والمفردات والجناس وتوازن الجمل وتوازیها والدارس لنصوص مولانا الإمام زین العابدین عليه‌السلام فی صحیفته یجد عدداً من الظواهر الموسیقیة التی امتازت بها، ولعل أبرزها التکرار الحرفی والتکرار اللفظی وتکرار الجملة والجناس و ردّ العجز على الصدر والسجع والترصیع. و هذه التقنّیات أدّت إلى خلق جوّ موسیقیّ لاتستقلّ عن المعنى، بل تعدّ جزءً منه. فقمنا فی هذا البحث بدراسة أهمّ مصادر الموسیقى الداخلیة فی الصحیفة السجادیة، واعتمدنا فی خطة هذه الدراسة على المنهج الوصفی ــ التحلیلی.
یوصلنا البحث إلى نتائج أهمّها: أنّ الموسیقى الناتجة من تکرار الحروف والعبارات والسجع و... ذات صلة وثیقة بدلالات کلام الإمام وأغراضه، وتوحی إلى القارئ حالاته عليه‌السلام النفسیة عند مناجاته لله؛ و ثانیاً أنّ استعمال هذه التقنیات التی أضفت على نثر الصحیفة السجادیة النغم الموسیقیة یکون عفویاً دون أیّ تکلف، وهذا سرّ جمال موسیقى نصّ الصحیفة و تأثیرها فی القارئ.

الكلمات الرئيسية: الصحیفة السجادیة ،الموسیقى الداخلیة ،البدیع،صناعة التکرار .

النص الكامل

التمهید:

یذهب النقاد فی الأدب العربی إلى أن الموسیقى إحدى الخصائص البنیویة الأساسیة للشعر و«هی عنصر یمیّزه عن النثر» (مفتاح، 1992م، ص 130)، ونحن نرى أن الموسیقى فی الشعر عنصر بالغ الأهمّیة، بید أن القول بأنها عنصر یمیّزه عن النثر قول مبالَغٌ فیه، والأصحّ أن یقال إن الوزن العروضی یمیز الشعر عن النثر؛ کما قیل فی تعریفه: «إنه قول موزون مقفّى یدل على معنى» (قدامة بن جعفر، 1302هـ، ص 3)؛ لأن الموسیقى لا تختصّ بالشعر بل ــ کما نعلم ــ أن للنثر الفنّی موسیقى تأتیه من توازن الجمل وسجعها، ذلک التوازن الذی أقرب إلى الوزن فی الشعر، وذلک السجع الذی هو أشبه بالقافیة فیه، مما یدلنا على أنّه الأصل الذی ارتقى منه الشعر، کما کان الرجز هوالحلقة الوسطى بین النثر المتوازن المسجوع وبحور الشعر الناضجة. فالتفعیلة موجودة فی النثر وبخاصّة الفنّی منه، والموسیقى توجد فیه کما هی فی الشعر، إلاّ أنّ فی الوزن موسیقى لانجدها فی غیره (الملائکة، 1967م، ص 18).
ومن خلال هذا التمهید الموجز یتبین لنا أن الموسیقى نوعان: نوع منها خاصّ بالشعر وهو «الموسیقى الخارجیة التی تتمثل فی الوزن والقافیة» (بکار، 1982م، ص 193)، والنوع الآخر لا یختص بالشعر، بل یهتم بها النثر کاهتمام الشعر بها وهو «الموسیقى الداخلیة التی تتمثل فی أصوات الحروف وجرس الکلمات المتساویة الطول والمتناغمة المقاطع والمنسجمة فی الحروف» (الهاشمی، 2006م،ص 37)، فهی تنشأ من التجانس بین الکلمات والتلاؤم بین حروفها وأصواتها وهی «النغم الذی یجمع بین اللفظ والصورة وبین وقْع الکلام والحالة النفسیة للشاعر؛ أی إنّها مزاوجة تامّة بین الشکل والمعنى وبین الشاعر والمتلقّی» (جیدة، 1986م، ص 352). «فالنغم الداخلی لا یعتمد على التفعیلات العروضیة، بل یعتمد على انسجام الحروف واتساق الألفاظ، ویأتی صدى للمحتوى النفسی أو موسیقى اللفظ؛ فهی تعبیر عن هواجس الإحساس وعمقه. وکلّما کانت موسیقى عذبة، کانت أقرب إلى محتوى النفس وهاجس الشعور وأصالته» (عزّ الدین، 1986م، ص 78).
هذا، ولعلک تتسائل: کیف ینشأ انسجام الحروف واتساق الکلمات؟ ونجیب عن هذا: «إنّه یکون الانسجام من توازن أجزاء الکلّ الواحد، وهذا التوازن ینشأ من التکرار» (الطیب، 2000م، ص 490). والتکرار مداره على بعض الفنون البدیعیة؛ منها: التجمعات الصوتیة[1]، ردّ العجز على الصدر، الجناس، تشابه الأطراف وغیرها مما له أثر على الإیقاع. فمن هذا المنطلق، درسنا فی هذه الخطة أوّلاً أدب الدعاء، ثم تتبّعنا مصادر الإیقاع الداخلی فی الصحیفة السجادیة التی جمعت فیها نصوص الدعاء لمولانا الإمام سجاد عليه‌السلام ، وفی نهایة المطاف نذکر أهم ما توصل إلیه البحث من النتائج.
المنهج الذی سرنا علیه تحلیلی ووصفی؛ فقد قمنا بالتحلیل على جمیع ما ذکرناه فی البحث، کما قمنا بالوصف للظواهر التی قمنا بعرضها.
وقبل الولوج فی موضوع الدراسة، یجدر الإجابة عن الأسئلة التالیة؛
أوّلها: ما هی العناصر التی تشکل الموسیقى الداخلیة فی النصوص الأدبیة؟
ثانیها: ماذا یقصد الکاتب عندما یعمد إلى منابع الموسیقى الداخلیة؟
ثالثها: هل تتواشج الموسیقى الداخلیة مع حالات الکاتب النفسیة؟
وسوف تحاول الدراسة الإجابة عن هذه الأسئلة بشکل موجز فیما یلی:
أوّلاً: التکرار وبعض الفنون البدیعیة القائمة على التکرار مثل الجناس وردّ العجز على الصدر والسجع وتوازن الجملات وتوازیها أهمّ العناصر التی تشکل الموسیقى الداخلیة.
ثانیاً: نرى فی أغلبیة الأحیان أن الأدباء الفطاحل عندما یریدون أن یمتلکوا أحاسیس المخاطب، یستفیدون من الطاقات التعبیریة للحروف والکلمات.
ثالثاً: الموسیقى الداخلیة تنتج عن حالة الکاتب النفسیة، والکاتب عندما تنتظم الحروف والکلمات یعبّر عن حالاته النفسیة.

خلفیة البحث:

لقد أنجزت دراسات معمّقة خصبة حول الموسیقى وأشکالها فی الأدب العربی قدیماً وحدیثاً، ولکن جلّ هذه الدراسات حول الموسیقى الشعریة. ونخصّ أهمّها بالذکر هنا. من الکتب: موسیقى الشعر لإبراهیم أنیس، الإیقاع فی الشعر العربی لعبدالرحمن آلوجی، النغم الشعری عند العرب تألیف عبدالعزیز شرف ومحمد عبدالمنعم خفاجی. وهناک أیضاً موادّ مطبوعة فی المجلات الجامعیة مثل: «القیمة الموسیقیة للتکرار فی شعر صاحب بن عبّاد» لفرحان علی القضاة[2]، «موسیقى الأدب» لبدوی طبانة[3]، «موسیقى الشعر هل لها صلة بموضوعات الشعر وأغراضه»[4] لأحمد نصیف الجنابی.
أمّا الدراسات التی تناولت موضوعات أدبیة حول الصحیفة السجادیة، فهی قلیلة لا تتجاوز أصابع الید؛ منها: «الجمالیة فی الصحیفة السجادیة»، لـغلامرضا کریمی‌فرد[5]، «بینامتنیت قرآنی در صحیفه سجادیه» [= التناص القرآنی فی الصحیفة السجادیة] لـعباس اقبالی وفاطمة حسن‌خانی، «ادبیات سخنان امام سجاد عليه‌السلام وصحیفه سجادیه» [= أدب کلام الإمام السجاد والصحیفة السجادیة] لـسید فضل‌الله میرقادری[6] و«آرایه‌هاى بدیعی در صحیفه سجادیه» [= المحسّنات البدیعیة فی الصحیفة السجادیة] لـصدیقه مظفری وسیدمحمدرضا ابن‌الرسول[7].
وکذلک وجدنا رسالة لنیل درجة الماجستر عنوانها «آرایه‌هاى بدیعی در صحیفه سجادیه» [= المحسّنات البدیعیة فی الصحیفة السجادیة] بجامعة إصفهان باللغة الفارسیة، من إعداد طالبة صدیقه مظفری تحت إشراف الدکتور سیدمحمدرضا ابن الرسول وبمساعدة الدکتور محمد خاقانی، لکنّنا لم نعثر على دراسة حول الموسیقى فی هذا الکتاب القیّم. ففی جانب هذه الدراسات نقدم هذه الدراسة إلى کلّ قارئ یرید أن یتطلع على جمال کلام أهل بیت الرسول ومعدن علمه وینابیع حکمته .

أدب الدعاء فی الصحیفة:

لقد توسع أهل البیت عليهم‌السلام فی المناجاة والدعاء، وأدخلوا فیه فلسفة العقیدة وصفات الجلال والکمال للذات القدسیة؛ کقول الإمام أمیر المؤمنین عليه‌السلام : «یا مَن دَلّ على ذاته بذاته، وتنزَّه عن مجانَسة مخلوقاته» (المجلسی، 1423م، ص 386). وقول ولده سید الشهداء عليه‌السلام : «کیف یستدلّ علیک بما هو فی وجوده مفتقرٌ إلیک؟!» (الفیض الکاشانی، 1406هـ، ج 1، ص 488). وقول ولده الإمام السجاد 9: «الحمد لله الأوّل بلا أوّلٍ کان قبله، والآخِر بلا آخرٍ یکون بعده» (الصحیفة السجادیة، الدعاء الثانی والعشرون). فکل یشیر بهذا إلى دلیل «الصِّدّیقین» المعروف بـ«دلیل الوجود».
وأیضاً استوعبت أدعیة أهل البیت عليهم‌السلام الأخلاق النظریة والعملیة، والکثیر من الحکم الخالدة وتحدید الدین والمتدین الحق. وأیضاً اتخذوا من المناجاة وسیلة للتربیة الفاضلة، والتوجیه إلى العمل من أجل حیاة أفضل، والتحرر من کل ما یوجب التخلف، ویعانی منه الفرد والمجتمع بخاصة الفقر والجور، وعبّأوا الرأی العامّ ضد حکّام البغی وأعوانهم وضد المستعمرین وطغیانهم.
وبعد، «فإن الصحیفة السجادیة لیست أدعیة وکفى، بل هی مدرسة المبدء والعقیدةوالصبر والتضحیة والتسامح والرحمة والثورة على الشّرّ والفساد بشتى ألوانه وأشکاله... إلى کل مکرمة وفضیلة» (مغنیة، د. ت، ص 42ــ43). أما أسلوب الصحیفة وسماتها، فمن الصعب على أی کاتب أن یصفه على حقیقته، أو یصف الأثر الذی یترکه فی نفس القارئ والسامع، ولکن بحسبنا أن نشیر إلى بعض خصائص أدب الدعاء فیها.
یظلّ البناء الفنّی عند الإمام السجاد عليه‌السلام مطبوعاً لسمات؛ أولاها أن یقترن الدعاء ــ مهما کان نمطه ــ بالتمجید لله تعالى، من جانب، وبالصلاة على النبیّ وآله من جانب آخر. فمادام الدعاء هو محاورة انفرادیة مع الله تعالى، فحینئذٍ تظل أولى سماته هی الخطابیة؛ من نحو عبارة: «اللّهمّ» أو «إلهی» وسواهما؛ حیث تستدعی مثل هذه العبارات حمداً أو ثناء بالضرورة؛ کما تقترن ـ فی الغالب ـ بالصلاة على محمد وآله أیضاً بصفتهم عليهم‌السلام وسائل للتقرب إلى الله تعالى (البستانی، 1413هـ، ص 366).
والإیقاع هو العنصر الثانی فی صیاغة الدعاء فی الصحیفة، بصفته أن الدعاء یقترن بعنصر التلاوة ولیس القراءة الصامتة؛ وحینئذٍ فإنّ التلاوة تتطلب إیقاعاً یتناسب مع وحداته الصوتیة التی تنتظم فی فواصل أو حروف متجانسة، مضافاً إلى الإیقاع الداخلی؛ لذلک لا نکاد نجد دعاء یتخلى عن عنصر الإیقاع، بخاصة الفواصل المقفاة؛ لأنّ القرار المقفّى یجسّد بروزاً إیقاعیاً أشدّ من الإیقاع الذی یحقّقه التجانس بین الحروف (المصدر نفسه، ص 370ــ371).

مصادر الموسیقى الداخلیة فی الصحیفة:

فیما سبق تکلمنا عن ظاهرة الموسیقى وأشکالها فی الکلام المنظوم والمنثور، ونفصّل القول هنا فی الموسیقى الداخلیة التی تنبع من أعماق النصّ. وستکون دراستنا لها من خلال المحسّنات البدیعیة کالتکرار والجناس وردّ العجز على الصدر وغیرها مما له أثر على الإیقاع والموسیقى.

التکرار:

تعد ظاهرة التکرار أبرز الظواهر الموسیقیة التی تسهم فی إثراء النصّ بالتناغم الصوتی والتنسیق الأمثل بین الألفاظ والعبارات. وعدّ بعض النقاد «التکرار وسیلة من وسائل التعبیر التی جنح إلیها الشعراء لیضیفوا على شعرهم إیقاعاً داخلیاً معبّراً عن ذات الشاعر بمختلف تجاربه، من خلال تناوب الألفاظ وإعادتها فی سیاق التعبیر» (هلال، 1980م، ص 239). إذن، یمکننا أن نحصر التکرار الذی یحدثه الشاعر أو الناثر فی ألفاظ شعره أو نثره فی قسمین؛ وهما: التکرار المراد به تقویة النغم، والتکرار المراد به تقویة المعانی.
ولابدّ من التنبیه هنا على أنّ هذین القسمین متداخلان وأن الشاعر أو الناثر لا یفردان أعمالهما لواحد منهما ولا یهتمان بأن یلتزما واحداً منهما دون غیره، بل الغالب أن یخلطا بینهما وربّما کرّرا تکراراً یستفاد منه تقویة المعانی وتقویة الإیقاع والنغم معاً. هذا وینبغی إلاّ ننسی أنّ کلّ تکرار، مهما یکن نوعه، تستفاد منه تقویة النغم وتقویة الجَرْس (الطیب، 2000م، ص 568).
ونظیر هذا الأمر کثیر فی الآیات القرآنیة التی وظّفت لتوکید المعنى للسامع، وأحدثت نوعاً من الإیقاع والموسیقى؛ مثل قوله تعالی: « إنَّ مَعَ العُسْرِ یسْراً * إنَّ مَعَ العُسْرِ یُسْراً . (الإنشراح 94: 5ــ6).
ومن خلال متتابعتنا لـلصحیفة السجادیة، وجدنا أن التکرار قد جاء فیها على قسمین: القسم الأوّل هو تکرار صوتی یتمثل بتکرار الحروف، والقسم الآخر تکرار لفظی یتمثل بتکرار الکلمة وتکرار العبارة بصور مختلفة.
التکرار الصوتی ناتج من تکرار الحروف التی تعدّ بمثابة المادّة الرئیسة التی تثری الإیقاع الداخلی للنصّ بلون خاصّ و«یحمل فی ثنایاه قیمة دلالیة؛ إذ یضیف إلى موسیقیة العبارة نغماتٍ جدیدة» (عبدالرحمن، 1994م، ص 94). وسنرى فی التالی مدى استفادة الإمام من الطاقة الدلالیة الکامنة لهذه الأصوات.
یقول عليه‌السلام فی دعائه إذا مرض أو نزل به کربٌ أو بلیّة: «أم وقتُ العلّة التی مَحّصتَنی بها، والنِّعم التی أتحفتَنی بها، تخفیفاً لِما ثَقُلَ به على ظَهْری من الخطیئات، وتطهیراً لِما انغمستُ فیه من السّیّئات، وتنبیهاً لتناول التّوبة، وتذکیراً لمحوِ الْحَوبة بقدیم النّعمة» (الصحیفة السجادیة، الدعاء الخامس عشر).
نلاحظ فی هذه الفقرات أنّ حرف التاء تکررت تسع عشرة مرّة، وأعطى النصّ نغماً موسیقیاً داخلیاً لها وقع فی الآذان والأسماع؛ فهو من الحروف المهموسة التی توحی بنوع من الحزن والکآبة.
ومما یزید فی جمالیة موسیقى هذه الفقرات تتابعُ حرف التاء وتکرارُه النّسقی فی أوّل الکلمات الأربع: «تنبیهاً، تَناوُل، التّوبة وتذکیراً»، حتى إنّه لَیصوّر لنا عن طریق توالی حرف التاء تداومَ حزن الإمام زین‌العابدین عليه‌السلام .
وتسیر المیم التی تعدّ من الحروف الشفویة جنباً إلى جنب التاء، ویرى الناقد محمد مفتاح «أنّ الحروف الشّفویة تدلّ على الحزن» (1982م، ص 62)، وهذا ما نلمحه فی دعائه عليه‌السلام فی استکشاف الهموم، حیث یقول: «یا فارِجَ الهَمِّ وکاشفَ الغَمِّ! یا رحمنَ الدّنیا والآخرة ورَحیمَهُما! صَلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ، وافْرُجْ هَمّی واکشِفْ غَمّی!» (الصحیفة السجادیة، الدعاء الرابع والخمسون). فقد وردت المیم فی هذا النصّ إحدى عشرة مرّة، فخلق نغمة موسیقیة تنقل القارئ إلى جوّ النصّ، وإلى طبیعة الموقف الذی عاش فیه الإمام عليه‌السلام من الحزن والهمّ.
وکذلک یتضح التکرار الحرفی المکثّف لحرف الحاء فی النصّ التالی الذی قاله فی الدعاء لأهل الثغور، حیث یقول: «واشْحَذْ أسلحتَهم، واحْرُسْ حَوزتَهم، وامْنَعْ حَومتَهم، وألِّفْ جَمْعَهم، ودَبِّرْ أمْرَهم» (المصدر نفسه، الدعاء السابع والعشرون).
نلاحظ أنّ حرف الحاء قد تکرر خمس مرات، و«هو من الأصوات المهموسة» (أنیس، د. ت، ص 76)؛ فتولدت عنه موسیقیة عذبة رقیقة تلائم مضمون الکلام لأنّه «یتصف صوت هذا الحرف بأنّه أغنى الأصوات عاطفةً وأکثرها حرارة، وأقدرها على التعبیر عن خلجات القلب ورعشاته، لیتحول مثل هذا الصوت مع البحّة الحائیة فی طبقاته العلیا إلى ذوب من الأحاسیس، وعُصارة من عواطف الحب والحنین والأشواق» (عباس، 1998م، ص 178). فالإمام عليه‌السلام یُظهر عن طریق استخدامه لهذا الحرف حبَّه وشوقه إلى حُماة ثغور المسلمین، ویرغّبهم فی عملهم، ویدعو الله لهم أن یَعضُدهم بالنصر أمام أعدائهم.
إذن، یمکننا القول بأنّ هذا التنویع فی بناء الحروف یحقق وحدة صوتیة متناغمة ومنسجمة، یُکسب الکلماتِ قیمةً جمالیة من خلال جرسها الممیَّز، ومن الانسجام والتناسق بین الحروف مخرجاً وصفة وحرکة، تتکون إیقاعیة الکلمة وموسیقاها، وهذه الإیقاعیة مرتبطة بأداء المعنى ولا تنفصل عنه.

تکرار الکلمة:

«هذا النوع من أبسط أنواع التکرار وأکثرها شیوعاً بین أشکاله المختلفة» (عاشور، 2004م، ص 60)، و«تکرار الکلمات یمنح النصّ امتداداً وتنامیاً فی الصور والأحداث؛ لذلک یعدّ نقطة ارتکاز أساسیة لتوالد الصور والأحداث وتنامی حرکة النصّ» (الغرفی، 2001م، ص 84).
وممّا لا شک فیه أنّ الکلمات تتکون من أصوات وطاقات؛ لذلک فإن حسن استخدام الکلمات المکررة یضفی على النصّ حلیة إیقاعیة ودلالة موحیة[8]. ولا یفوتنا هنا الانتباه بأن «القاعدة الأساسیة فی التکرار أنّ اللفظ المکرّر ینبغی أن یکون وثیق الارتباط بالمعنى العامّ وإلاّ کان لفظیة متکلفة لا سبیل إلى قبولها؛ کما أنّه لا بدّ أن یخضع لکل ما یخضع له النصّ عموماً من قواعد ذوقیة وجمالیة» (الملائکة، 1967م، ص 231).
والصحیفة السجادیة مکتظّة بالکلمات المکررة التی لها أثر عظیم فی توفیر الجانب الموسیقی وإیحاء معنى الکلام؛ لأنّها وردت فی مکانها اللائق من النصّ، حیث یستدعیه السیاق الهندسی. ومن ذلک لفظة «عافیة» فیما یلی من دعائه عليه‌السلام إذا سأل الله عزوجل العافیة وشکرها: «الّلهُمّ صلِّ على مُحَمَّدٍ وآله، وألْبسْنی عافیتَک، وجَلِّلْنی عافیتَک، وحَصِّنْی بعافیتک، وأکرِمْنی بعافیتک، وأغْنِنی بعافیتک، وتَصَدَّقْ علىَّ بعافیتک، وهَبْ لی عافیتَک، وأفْرِشْنی عافیتَک، وأصْلِحْ لی عافیتَک، ولا تُفَرِّقْ بینی وبَینَ عافیتک فی الدُّنیا والآخرة» (الصحیفة السجادیة، الدعاء الثالث والعشرون).
لقد وظّف الإمام فی هذا المقطع کلمة «عافیة» عشر مرّات لیدلل على أنّها محور الموضوع وهی بالغة الأهمّیة فی الدنیا والآخرة. فنرى أنّ هذه الکلمة المکررّة متینة الإرتباط بسیاق النصّ. إضافة على الجانب المعنوی، ففی المستوى الصوتی أضفى تکرارها على النصّ نغماً موسیقیة متمیزة تطرب أذن السامع.
ونظیر هذا تکراره لکلمة «شهر» فی دعائه عليه‌السلام إذا دخل شهر رمضانَ، حیث یقول: «والحمدُ لله الذی جَعَلَ من تلک السُّبُلِ شَهْرَهُ رمضانَ، شَهْرَ الصِّیام وشَهْرَ الإسْلام وشَهْرَ الطُّهُورِ وشَهْرَ التَّمْحیصِ وشَهْرَ القیام «الّذی أُنْزِلَ فیه القُرآنُ هُدىً لِلنّاسِ وبَیِّناتٍ من الهُدى والفُرقانِ» (المصدر نفسه، الدعاء الرابع والأربعون).
نلاحظ أن کلمة «شهر» تکرّرت فی هذا المقطع ستّ مرّات؛ فتولدت عنه موسیقیة جمیلة مفرحة. وهذا یشفّ عن فرح الإمام عليه‌السلام بسبب دخوله فی شهر رمضان؛ کأنّنا نراه ینشد أنشودة ویکرّرها مستمرّاً لیعبّر عن مدى فرحه، ویرغّب السامعین للاستفادة من هذا الشهر الذی کلّه سعادة للإنسان.
والنوع الآخر من التکرار فی الصحیفة هو تکرار کلمات معیّنة یتابعها الإمام فی بدایة بعض المقاطع لیعطی النصّ نغمة موسیقیة. ومن ذلک قوله:
أنتَ الذی وَسِعتَ كُلَّ شَیءٍ رَحمَةً وعلماً.
وأنتَ الذی جَعَلتَ لِكُلِّ مخلوقٍ فی نِعَمِكَ سَهماً.
وأنتَ الذی عَفوُهُ أعلى من عقابه.
وأنت الذی تسعى رحمته أمام غضبه.
وأنت الذی عطاؤه أکثر من منعه.
وأنت الذی اتّسع الخلائق کلُّهم في وُسعه.
وأنت الذی لا یرغب فی جزاء من أعطاه.
وأنت الذی لا یفرط فی عقاب من عصاه (المصدر نفسه، الدعاء السادس عشر).
یبدو لنا فی هذه المقاطع ــ من جهة اللفظ والموسیقى ــ ذلک التناغم الموسیقی البدیع والإیقاع الجمیل بسبب تکرار کلمتی «أنت الّذی» اللّتین أحدثتا نوعاً من الهندسة اللفظیة والموسیقیة العذبة. فقد حقّق الإمام عليه‌السلام بتکراره هاتین الکلمتین الموسیقیةَ العذبة التی تطرب الأذن لسماعهما. فلا یکاد ینتهی المقطع السابق حتى تعود ألحان المقطع التالی عبر کلمتین مکررتین.
وأمّا من جهة الدلالة، فنرى أن الإمام یلحّ على هاتین الکلمتین لیدل على قربه من الله تعالى والذوَبان فیه، حتى کأنّه عليه‌السلام لایرى فی الکائنات أحداً سوى الله عزوجل [9].

تکرار الجملة:

یعتبر هذا النمط أشد إیقاعاً من النمط السابق؛ إذ تتکرّر فی هذا النمط کلمات متعددة متتالیة. فحین تتکرر الکلمة أکثر من مرّة، فهذا یعنی أنّ فیه تأکیداً وتقویة للمعنى، وکذلک یدلّ على ترنّم الموسیقى. فعلى قدر الکلمات والأصوات المکرّرة تتمّ الموسیقى. وهذا الأمر نجده واضحاً فی صحیفة مولانا الإمام زین‌العابدین عليه‌السلام ؛ فنرى أنّ هذا النوع من التکرار یستغرق المساحة الکبرى من سائر التکرارات فی الصحیفة.
ومن ذلک تکراره لعبارة «أنت اللهُ لا إله إلاّ أنت» من دعائه عليه‌السلام فی یوم عرفةَ، حیث یقول:
«أنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الأحَدُ المُتَوَحِّدُ الفَرْدُ المُتَفَرِّدُ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الکرِیمُ المُتَکرِّمُ العَظیمُ المُتَعَظِّمُ الکبیرُ المُتَکبِّرُ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، العَلِیُّ المُتَعالُ الشَّدیدُ المِحالُ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الرَّحمنُ الرَّحیمُ العَلیمُ الحَکیمُ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، السَّمیعُ البَصیرُ القَدیمُ الخَبیرُ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الکرِیمُ الأکبَرُ الدّائمُ الأدْوَمُ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الأوَّلُ قَبْلَ کلِّ أَحَدٍ والآخِرُ بَعْدَ کلِّ عَدَدٍ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الدّانی فی عُلُوِّهِ والعالی فی دُنُوِّهِ .
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، ذو البَهاءِ والمَجْدِ والکبریاءِ والحَمْدِ.
وأنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ، الّذی أنْشَأتَ الأشیاءَ مِنْ غَیرِ سِنْخٍ، وصَوَّرْتَ ما صَوَّرْتَ مِنْ غَیرِ مِثالٍ، وابْتَدَعْتَ المُبتَدَعاتِ بلا احْتِذاءٍ (المصدر نفسه، الدعاء السابع والأربعون).
فنراه عليه‌السلام یکرّر العبارة «أنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاّ أنْتَ» عشر مرّات للتأکید على وحدانیة الله عزوجل، وتنزیه ساحته من الشریک والندّ. ولایخفى أنّ تکرار العبارة فی هذه المقاطع یبعث نوعاً من التناغم الداخلی فی النصّ، فضلاً عن أنّ الکلمات التی تأتی خلف هذه العبارة المکررة تدعم موسیقى النصّ؛ لأنّنا نرى تناسقاً کبیراً بین الکلمات فی کلّ جملة. فحیناً نلاحظ الکلمات کلَّها تختم بحرف مشترک بینها (مثل الشطرین الأوّل والثانی اللذین یختمان بحرف الدال المجهورة والمیم الشفویة)، وحیناً آخر نشاهد بأنّ التناسب فی الوزن (مثل: الرحیم، العلیم، الحکیم) والاشتقاق (مثل: الکریم، المتکرّم، العظیم، المتعظّم، الکبیر، المتکبّر) یجمع بین الکلمات ویقوّی جرس الکلام.
ومنه أیضاً قوله عليه‌السلام فی دعائه فی یوم عرفةَ، حیث یقول:
لَک الحَمْدُ حَمْداً یدُومُ بدَوامِک.
ولَک الحَمْدُ حَمْداً خالداً بنِعمَتِک.
ولَک الحَمْدُ حَمْداً یُوازی صُنعَک.
ولَک الحَمْدُ حَمْداً یَزیدُ على رِضاک.
ولَک الحَمْدُ حَمْداً مَعَ حَمْدِ کلِّ حامدٍ، وشُکراً یقْصُرُ عَنْهُ شُکرُ کلِّ شاکرٍ (المصدر نفسه، الدعاء السابع والأربعون).
لا یخفى على قارئ هذه المقاطع ما فیها من موسیقى داخلیة تمثلت فی تکرار العبارة «ولَک الحَمْدُ حَمْداً»، مما أضفى نغماً موسیقیة جمیلة على النص. إضافة إلى ذلک، لقد أسهم فی توفیر موسیقى هذا النص تکرار کلمة «شکر» ومشتقاته فی الشطر الآخر، بحیث وهب النصّ قیمة صوتیة عظیمة یأنس إلیه السمع وتمیل إلیه النفس، إضافة إلى ما اشتمل علیه من الأثر الخطابی المتمثل فی التعبیر عن مشاعر الشکر والرضا عن الله عزوجل.

ردّ العجز على الصدر:

عرف ردّ العجز على الصدر (فی النثر) بأن «یکون أحد اللفظین المکرّرین أو المتجانسین أو الملحق بهما فی أول الفقرة والآخر فی آخرهما» (القزوینی، د. ت، ص 399).
والشاعر أو الناثر حین یعمد إلى هذه التقنیة یجد نفسه قد أکد على معنى معین أو نبّه المتلقی إلى أهمیة ذلک المعنى، وهذا جلیّ واضح فی نصوص الصحیفة، حیث وردت هذه الظاهرة فیها بکثرة ولاسیما فی دعائه عليه‌السلام فی یوم الأضحى، حیث یقول:
أعوذُ بكَ اللّهُمّ الْیَوْمَ مِنْ غَضَبكَ، فَصَلّ على مُحَمّدٍ وآلِهِ، وأعِذْني.
وأَسْتَجیرُ بكَ الْیَوْمَ مِنْ سَخَطِكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، وأجِرْني.
وأَسْأَلُكَ أَمْناً مِنْ عَذابكَ، فَصَلّ عَلى مُحَمّدٍ وآلِهِ، وآمِنّي.
وأَسْتَهْدیكَ، فَصَلّ عَلى مُحَمّدٍ وآلِهِ، واهْدِني.
وأَسْتَنْصِرُكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، وانْصُرْني.
وأَسْتَرْحِمُكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، وارْحَمْني.
وأَسْتَکْفیكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، واکْفِني.
وأَسْتَرْزِقُكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، وارْزُقْني.
وأَسْتَعینُكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، وأَعِنّي.
وأَسْتَغْفِرُكَ لِما سَلَفَ مِنْ ذُنُوبی، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، واغْفِرْ لي.
وأَسْتَعْصِمُكَ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وآلِهِ، واعْصِمْني (الصحیفة السجادیة، الدعاء الثامن والأربعون).
فقد ردّ الإمام عليه‌السلام عجز کل الفقرات على صدورها، واستخدم هذه التقنیة فی التأثیر والتطریب بما توفرّه من الإیقاع والموسیقى توفیراً قویّاً وواضحاً. ولهذا التکرار القائم على ردّ العجز على الصدر دلالة صوتیة؛ لأنّ الألفاظ التی ذکرت فی صدور الفقرات تتردّد صداها فی آخر الفقرة مرّة أخرى. ومن شأن هذا التردید إعطاء النصّ جمالاً موسیقیاً، وهو أشبه بوثاق دقیق أو نغمة موحدة تربط بین أول الفقرة وآخرها بحیث یصبح صدرها وعجزها کلّاً لا ینفصل ونغماً واحدة متصلة.
ویقول الإمام أیضاً فی دعائه عليه‌السلام فی وداع شهر رمضان:
«تَشْکرُ مَنْ شَکرَک وأنْتَ أَلهَمتَهُ شُکرَک، وتُکافِئُ مَن حَمِدَک وأنتَ عَلَّمتَهُ حَمدَک» (المصدر نفسه، الدعاء الخامس والأربعون).
فیردّ کلمتی الشکر والحمد إلى صدر الکلام وفی ذلک تقویة وتأکید لمعنى الشکر والحمد فضلاً عن قیمته الموسیقیة التی أعطت النصّ جمالاً وإیقاعاً عذبة تجذب الأذن لسماعها وتطرب النفس. فهذا النوع من التکرار یثیر لدى المتلقی حرکة ذهنیة؛ إذ تتداعى وتتواصل المعانی، فیتوقع الکلمة المکررة قبل ورودها، فتبعث فی نفسه نشوة الحدس والتخمین؛ وبذلک تتجلى الموسیقى الداخلیة فی صورة نغمة عالیة. ولا نرید الإطالة فی ذکر المزید من الشواهد، فهی کثیرة فی الصحیفة. وإن رجعت إلیه، یجد شواهدها الکثیرة بسهولة.

الجناس:

یعدّ الجناس نوعاً آخر من منابع الموسیقى الداخلیة الذی یعتمد على أسلوب التکرار فی بنائه؛ إذ تتکرر اللفظة أو الکلمة فتجانس اللفظة أو الکلمة الأخری. وما یمیز ذلک التکرار أنّ المعنى یختلف بین اللفظتین، بینما فی التکرار اللفظی یتطابق معنى اللفظ المکرر.
وتکمن أهمّیة الجناس فی موسیقى النصّ فی تقویة النّغْم الموسیقی بین اللفظتین المتجانستین، حیث یزید ویؤکد النغم ورنّته، فضلاً عن الانسجام مع المعانی ورنة الألفاظ؛ وهذا یعد من أسرار الجمال الصوتی والوزنی، فیثیر فینا نشوة الحدس ویدفع بالذهن إلى الانتباه والتفریق بین اللفظتین وإیجاد التقارب بین المعنیین (هلال، 1980م، ص270ــ271).
للجناس دور هامّ فی الصحیفة، بید أنّنا لا نجد فیها الجناس التامّ، ربّما لتجنب الإمام التکلّفَ الذی یقع صاحب الجناس التامّ فیه عند تکراره کلمتین متجانستین، على الرغم من کونه یدلّ على سعة المخزون اللغوی لدیه.
ومن أنواع الجناس الناقص فیها، قوله عليه‌السلام :
«وتُنْبِتُ لَنا به الزَّرْعَ وتُدِرّ به الضَّرْعَ» (المصدر نفسه، الدعاء التاسع عشر).
«فَـصُمْنا بأمْرِک نَهارَهُ، وقُمْنا بعَونِک لَیلَهُ، مُتَعَرِّضینَ بـصیامِهِ وقیامِهِ لِما عَرَّضْتَنا لَهُ مِنْ رَحمَتِک» (المصدر نفسه، الدعاء الخامس والأربعون).
«ونَجْنَحَ إلى الّتی هیَ أبْعَدُ مِنْ حُسْنِ العاقِبَةِ وَأقرَبُ إلى ضِدِّ العافیةِ» (المصدر نفسه، الدعاء الثالث والثلاثون).
«فَها أنا ذا أؤُمُّک بـالوِفادَةِ وَأسْألُک حُسْنَ الرِّفادَةِ» (المصدر نفسه، الدعاء السادس والأربعون).
«وتُوَفِّرُ عَلَیهِمُ الحَظَّ مِنْ عَوائِدِک وفَوائِدِک » (المصدر نفسه، الدعاء السابع والأربعون).
«سُبْحانَک، لا تُحَسُّ ولا تُجَسُّ ولا تُمَسُّ ولا تُکادُ ولا تُماطُ»[10] (المصدر نفسه، الدعاء السابع والأربعون).
نلاحظ من خلال هذه الفقرات أنّ الجناس قد ورد فی کلمات «الزّرع والضّرع» (الجناس اللفظی)، و«صُمْنا وقُمْنا» و«صیام وقیام» (الجناس اللاحق)، و«العاقبة والعافیة» (الجناس المصحّف)، و«الوفادة والرفادة» (الجناس المضارع)، و«عوائد وفوائد» (الجناس اللاحق)، و«تحسّ وتجسّ وتمسّ» (الجناس المصحّف والجناس اللاحق). فبذلک یحقق الإمام عليه‌السلام إیقاعاً داخلیاً لکلامه دون اللجوء إلى تکرار الکلمة نفسها، فبتغییر بسیط فی بعض حروف الألفاظ المتجانسة تنتج کلمات جدیدة وبمعان مختلفة، ممّا یسهم فی إثراء المعجم اللغوی لنصوصه، ویعطینا مؤشراً حول ماهیة الفقرات بکونها إیقاعیة منظمة ذات جرس عذبة فی الأسماع.

السجع:

تعد هذه التقنیة نوعاً آخر من المظاهر الموسیقیة فی النصّ الأدبی؛ وحدّه أن یقال:
تواطؤ الفواصل فی الکلام المنثور على حرف واحد. وهو على ثلاثة أقسام؛ أولها: المطرف وهو ما اختلفت فاصلتاه فی الوزن واتفقتا فی الحرف الأخیر؛ ثانیها: المرصّع وهو ما کان ألفاظ إحدى الفقرتین کلّها أو أکثرها مثل ما یقابلها من الفقرة الأخرى وزناً وتقفیة؛ ثالثها: المتوازی وهو ما کان الاتفاق فیه فی الکلمتین الأخیرتین فقط (الهاشمی، 1999م، ص 330ــ331).
والجدیر بالذکر أنّ الأصل فی السجع هو الاعتدال فی مقاطع الکلام. والاعتدال مطلوب فی جمیع الأشیاء والنفس تمیل إلیه بالطبع. ومع هذا فلیس الوقوف فی السجع عند الاعتدال فقط، ولا عند تواطؤ الفواصل على حرف واحد؛ إذ لو کان ذلک هو المراد من السجع، لکان کلّ أدیب من الأدباء سجّاعاً، وما من أحد منهم إلاّ أن یمکنه أن یؤلّف ألفاظاً مسجوعة ویأتی بها فی کلامه، بل ینبغی أن تکون الألفاظ المسجوعة حلوة حارّة طنّانة رنّانة (ابن الأثیر، ب د. ت، ص 210ــ213) وأن یأتی بها المؤلف عفویة دون التکلف.
فحینئذ یکون السجع ذا جمالیة وموسیقیة عذبة تمیل إلیه النفس؛ لأنّه على درجة عالیة من التوازن النسقی، ممّا یبلغ الظاهرة مداها الأقصى.
ونلمح أثر السجع فی موسیقى کلام الإمام فی دعائه عليه‌السلام إذا سأل الله العافیة وشکرها، حیث یقول:
«وأعِذْني وذُرِّیَّتي مِنَ الشَّیطانِ الرَّجیم ... ومِنْ شَرِّ کلِّ شَیطانٍ مَریدٍ، ومِنْ شَرِّ کلِّ سُلْطانٍ عَنیدٍ، ومِنْ شَرِّ کلِّ مُتْرَفٍ حَفیدٍ، ومِنْ شَرِّ ضَعیفٍ وشَدِیدٍ» (الصحیفة السجادیة، الدعاء الثالث والعشرون).
وبذلک یکون قد حقّق فی کلّ الفقرات إیقاعاً منتظماً، بحیث الألفاظ المسجوعة المرصّعة (شیطان مرید وسلطان عنید، مترف حفید وضعیف وشدید) أعطت النصّ إیقاعاً جمیلاً متناغماً، ویساعد هذا الإیقاعَ تکرارُ کلمات «من شرّ کلّ» فی کلّ الفقرات.
ولا شک أنّ استخدام الإمام هذه التقنیة یعزّز المعنى فی سیاق الکلام، وقد یوحی ذلک إلى الحالة النفسیة والتجربة التی جعلته یستعیذ بالله تعالى من شرّ الشیطان وهمزاته. فنراه عليه‌السلام یطلب من الله تعالى أن یُعیذه وذرّیته من قوى الشرّ التی تجعل الإنسان مضطرباً خائفاً؛ لذلک علیه أن یتسلّح بقوّة فی الإیمان بالله للردّ على قوى الشرّ هذه. ولأجل تقویة هذا المعنى وبغیة تأثیره فی النفس، نلاحظ أن الأصوات الواقعة رَوی الفواصلَ (حرف الدال التی من الأصوات الشدیدة الغلیظة) فی هذه المقاطع جاءت قویة، فساهمت فی توضیح الفکرة أکثر، وهی أنّ القوّة تحتاج إلى القوّة. فالقوّة فی الشرّ تحتاج إلى قوّة أکبر لتردعها؛ ولذلک جاء التعبیر عن هذه الفکرة بأصوات قویة.
ومن شواهد السجع أیضاً قوله:«إلهِی! إنْ رَفَعْتَني فَمَنْ ذا الّذی یضَعُني، وإن وَضَعْتَني فَمَنْ ذا الّذی یَرفَعُني؟» (المصدر نفسه، الدعاء الثامن والأربعون). نلاحظ فی هذا المقطع ازدحام أدوات عدیدة عمد إلیها الإمام عليه‌السلام لصوغ إیقاعه الداخلی؛ فقابَل بین ثنائیة «الرفع والوضع» وکرّر کلمات «إن» و«من ذا الّذی»، واستخدم السجع المرصّع؛ وکلّ هذا خلق إیقاعاً رحباً تجول فیه کلماتٌ توحی وجْده وتفزعه إلى ذات الحقّ. ویعمد الإمام عليه‌السلام بهذه التقنیات إلى جذب انتباه القارئ أو المتلقی عن طریق تقویة جرس الکلام.
وکذلک نلمح أثر السجع المتوازی فی إیقاع النصّ التالی ودلالاته الصوتیة:
اللَّهُمَّ إنّی أَعْتَـذِرُ إلَیْـكَ مِنْ مَـظْلُومٍ ظُلِمَ بحَضْرَتی فَلَمْ أَنْصُرْهُ، وَمِنْ مَعْرُوفٍ اُسْدِیَ إلَیَّ فَلَمْ أَشْكُرْهُ، وَمِنْ مُسیءٍ اعْتَذَرَ إلَیَّ فَلَمْ أَعْذِرْهُ، وَمِنْ ذیْ فَاقَة سَأَلَنی فَلَمْ اُوثِرْهُ، وَمِنْ حَقِّ ذی حَقٍّ لَزِمَنی لِمُؤْمِنٍ فَلَمْ أوَفِّـرْهُ، وَمِنْ عَیْب مُؤْمِنٍ ظَهَر لی فَلَمْ أَسْتُرْهُ، وَمِنْ كُلِّ إثم عَرَضَ لیْ فَلَمْ أَهْجُرْهُ (الصحیفة السجادیة، الدعاء الثامن والثلاثون).
نلاحظ أنّ هذا النصّ یحفل بقیم إیقاعیة رائعة، وتلک لسبب واضح هو: أنّ جمیع قراراته ذات رویّ واحد بحیث یشبه المقطوعة الشعریة، فضلاً عن التقنیات الأخرى التی تدعم موسیقى الفقرات مثل: الجناس والتکرار. وهذا الإیقاع یخضع لطبیعة الموضوع والمستوى العاطفی للموقف؛ إذ إن النصّ فی صدد تقدیم العذر حیال جملة من القضایا، بحیث کان العذر هو الفکرة التی تحوم علیها العبارات، لذلک کان من الطبیعی أن تتوحّد القوافی تبعاً لوحدة الفکرة ذاتها.

الترصیع:

تعتبر هذه التقنیة نوعاً آخر من المظاهر الموسیقیة فی النصّ الأدبی، ونعنی به فی التعبیر الأدبی «ما کان من المنظوم والمنثور من الکلام ألفاظٌ الفصل الأوّل فیه مساویة لألفاظ الفصل الثانی فی الأوزان واتّفاق الأعجاز» (ابن الأثیر، آ د. ت، ص 277). وهو یحقق إیقاعاً ممتعاً على درجة عالیة؛ لأنّ قمّة التوازن النسقی ممّا یبلغ بالظاهرة مداها الأقصى قد تمثّلت فی نموذج الترصیع، و هو أسلوب مزدوج یجمع فیه مبدأ الفک ومبدأ التجزئة، ثمّ یضاف مبدأ التقفیة الداخلیة، فیتراکب التوازن المفصلی مع الإیقاع الصوتی والنغم؛ إذ إنّ الترصیع یؤدّی إلى تجزئة الفقرات إلى أجزاء متعددة عند الإنشاد بسبب الوقفات القصیرة المتموضعة فی خواتیم العبارات المرصّعة (داود، 2007م، ص 68).
وقد ورد الترصیع فی قوله عليه‌السلام:
«وأنا بَعْدُ أقَلُّ الأقَلّینَ وأذلُّ الأذلّینَ... أنا القَلیلُ الحَیاءِ، أنا الطَّویلُ العَناءِ» (المصدر نفسه، الدعاء السابع والأربعون).
«واجْعَلْنا مِنْ دُعاتِک الدّاعینَ إلَیک، وهُداتِک الدّالّینَ عَلَیک» (المصدر نفسه، الدعاء الخامس).
فجاءت کلمة «أقلّ» متوافقة مع کلمة «أذلّ» وکلمتا «القلیل الحیاء» مع کلمتی «الطویل العناء» مما یعطی النصّ نغمة موسیقى رائعة. وکذلک نرى هذا التوافق فی الکلمات: «دعاتک، هداتک» و«الداعین، الدالّین» و«إلیک، علیک» مما أعطى النصّ إیقاعاً جمیلاً؛ فهذه الاستعمالات لیست مجرد تلاعب لفظی، وإنما تدبیج لتمکین المعانی ولتقویتها؛ لأنّه عندما یکرر کلمة «أقلّ» و«أذلّ» مثلاً ویحصل التناسب والتلاؤم بین الکلمات، یقوی المعنى ویرسخه فی ذهن السامع ویؤثر فی کیانه. فضلاً عن هذا، نرى أنّه 4 استعمل فی المقطع الأول حرف اللام التی «یوحی صوته بمزیج من اللیونة والمرونة والتماسک والالتصاق» (عباس، 1998م، ص 78) رویّاً لفواصل الفقرات لیعبر عن شدّة خضوعه لله عزوجل وارتباطه به. کذلک نرى هذه اللیونة فی المقطع الثانی بسبب استخدام حرفی الألف والیاء اللتین تعتبران من الحروف اللینة.

التوازن:

التوازن وبعبارة أخرى الموازنة هو«أن تکون ألفاظ الفواصل من الکلام المنثور متساویة فی الوزن... وللکلام بذلک طلاوة ورونق، وسببه الاعتدال؛ لأنّه مطلوب فی کل الأشیاء. وإذا کانت مقاطع الکلام معتدلة، وقعت من النفس موقع الاستحسان، وهذا لا مراء فیه لوضوحه» (ابن الأثیر، آ د. ت، ص 291). ومن التوازن ما جاء به فی دعائه عليه‌السلام:
«اُمدُدْ لی فی أعْمارِهمْ وزِدْ لی فی آجالِهم ورَبِّ لی صَغیرَهُم وقَوِّ لی ضَعیفَهُمْ» (الصحیفة السجادیة، الدعاء الخامس والعشرون).
«واجْعَلْ آباءَنا وَاُمَّهاتِنا وَأوْلادَنا وأهالینا و... مِنْهُ فی حِرْزٍ حارِزٍ وَحِصْنٍ حافِظٍ وکهْفٍ مانِعٍ»(المصدر نفسه، الدعاء السابع عشر).
من الواضح أنّ هذه الفقرات یجمعها توازن صرفی وعروضی؛ لأنّ عدد حروف الکلمات المتوازنه واحد ومواضع الحرکات والسکنات واحد أیضاً، ولهذا التوازن أثر غیر مخفی فی إیقاع النصّ، حیث یؤدّی دوراً إیجابیاً فی تفعیل النغمة الموسیقیة وإیصالها إلى مستوى فنّی عالٍ. أمّا فی البعد المعنوی، فإنّ حرف الحاء کما قلنا آنفاً: «أقدر الحروف على التعبیر عن خلجات القلب ورعشاته» (عباس، 1998م، ص 178)؛ فالإمام عليه‌السلام استخدم فی هذه المقاطع المتوازنة حرف الحاء لیعبر عن حبّه لأسرته وأهل بیته.

نتائج البحث:

تبیّن لنا من خلال هذا المقال أنّ الموسیقى الداخلیة أحد المظاهر الجمالیة فی النصوص الأدبیة التی تتمثل فی التکرار بأنواعه المختلفة (التکرار الحرفی، التکرار اللفظی وتکرار العبارة) والجناس وردّ العجز على الصدر والسجع والترصیع وتوازن الجملات. وهی ذات صلة وثیقة بدلالات الکلام وأغراضه. فالمتکلم عندما یکرر بعض الحروف فی کلامه، فهذا یدلّ على أنّه یشعر المتلقی على میزة هذا الحرف ودلالته الصوتیة؛ وکذلک عندما یکرر الکلمات والعبارات، یشعر المتلقی بأنّ لتلک الکلمة أو العبارة أهمّیة بالغة عنده، إضافة إلى الإیقاع الذی یحدث فی الکلام. وهذا الإیقاع الناتج من تکرار الحروف والکلمات یجذب أذن السامع إلیه ویوحی إلیه حالات الکاتب النفسیة. وهذا الأمر رأیناه فی النصوص المقتطفة لمولانا الإمام زین‌العابدین عليه‌السلام عند الوقوف علیها.
وکذلک أشرنا إلى المنابع الموسیقیة فی صحیفته، ولمسنا الآثار التی تحدثها فی تقویة جمال کلامه.
وفی الختام یجدر أن نقول: إنّ استخدام الإمام هذه التقنیات یکون عفویة دون أیّ تکلف، وهذا سرّ جمال کلامه وتأثیره فی القارئ.

________________________________________
[1]. نعنی بها تکراراً لبعض الحروف التی تتوزع فی أثناء الکلام، ویسمّیه البعض الآخر «التکرار الحرفی» (أطمیش، 1982م، ص 342).
[2]. مجلّة اللغة العربیة الأردنی، العدد الثامن والخمسون.
[3]. مجلة الأقلام، العدد التاسع
[4]. المجلة نفسها، العدد الرابع.
[5]. مجلة العلوم الإنسانیة، العدد الثانی عشر.
[6]. مجلة اندیشه دینی، العدد الخامس عشر
[7]. مجلة کاوش‌نامه، العدد السابع عشر.
[8]. جدیر بالذکر هنا أنّ الصوت اللغوی لا یمتلک القدرة على الدلالة على المعنى وتعمیقه فی ذهن المتلقی بشکل عامّ، وإنّما من خلال موقعه فی السیاق؛ لأنّ الصوت لا یکتسب هذه الخاصیة الشمولیة فی إدراک معالم المعنى من مجرد وجوده فی المفردة، بل من خلال التوظیف الدقیق للصوت اللغوی فی السیاق فی موضعه المتقن من إیقاع الجملة وتنغیمها؛ فیوحی بأثر موسیقى خاصّ، یستنبط من ضمّ الحروف بعضها لبعض، ویستقرأ من خلال تشابک النصّ الأدبی فی عبارته، فیعطی مدلولاً متمیزاً فی مجالات عدة (الصغیر، 2000م، ص 164). ومن یتقصى هذا الأمر، یجد أنّ الدلالة الصوتیة فی مفردات الصحیفة وحروفها وُظّفت بدقة متناهیة. ونشیر هذا الأمر فی أثناء البحث إن شاء الله تعالى.
[9]. هذا الصنف من التکرار کثیر فی الصحیفة، ولا مجال لنا فی ذکر جمیعه. ینظر «الدعاء الثالث عشر»، حیث تکررت کلمة «یا مَن» فی صدر عشرة مقاطع؛ وکذلک تکررت الکلمة نفسها فی صدر أحد عشر مقطعاً فی «الدعاء السادس والأربعین». وتکررت کلمتی «أنا» و«الّذی» فی صدر خمسة مقاطع فی «الدعاء السابع والأربعین». وغیر ذلک من الأدعیة التی نشاهد تکرار الألفاظ فی صدر مقاطعها تحقق قیماً صوتیة وإیقاعیة. وهذا یؤدّی إلى زیادة التفاعل فی کلامه، وإثارة انفعالات المتلقی، وتلذذ أسماعه بفعل ذلک التناغم.
[10]. هذه الفقرات التی ذکرناه هنا أقلّ ما یمکن الاستشهاد به؛ وإن شئت الأکثر من شواهد الجناس فی الصحیفة، انظر مثلاً: «لواعج وعوالج» (الدعاء الثانی/ 16)، «المهمّات والملمّات» (الدعاء السابع/ 4)، «مدحی إیّاک وحمدی لک» (الدعاء الحادی والعشرون / 9)، «الضعیف عملاً الجسیم أملاً» (الدعاء الثانی والثلاثون/ 9)، «خاشعة وخاضعة»، «الرغبة والرهبة» (الدعاء الالثانی والثلاثون/ 19)، «ذکروک وشکروک» (الدعاء الخامس والأربعون/ 248) إلخ.

 

الإنتاجات
k